[rtl]المطلب الثاني : مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القيمة المضافة وتعبئة الموارد
إن التحول الذي عرفته السياسة الاقتصادية في الجزائر بداية من العشرية الأخيرة من القرن العشرين ، أفرز تغيرات هامة خاصة في هياكل الاقتصاد الوطني، فبعد التجارب غير الناجحة في مجال تنظيم وتسيير المؤسسات ، أعطت الدولة مجالا أوسع ودعما لنمو وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، ويظهر ذلك من خلال إنشاء هياكل تهتم ببرامج أعدت خصيصا لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات اقتصادية متعددة , كما ابدت السلطات الجزائرية اهتماما بتطوير منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من اجل تفعيل دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية .
و تجدر الإشارة إلى أن الأمور بدأت تتغير فيما يتعلق بالثقل المتزايد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الجزائري , وهو ما يعكس نقطة تحول جوهرية في الأداء , فآخر الإحصائيات تشير إلى تطورين مهمين في هذا المجال ألا وهما :
* على الرغم من آثار المنافسة الشديدة و انفتاح الاقتصاد الجزائري على التبادلات الدولية في العامين 1998 و 1999 فان مؤشرات الإنتاج الصناعي تشير إلى نمو القطاع الصناعي بنسبة 10% في سنة 1999 علما بان القطاع الخاص استحوذ على الحصة الكبرى في هذه الزيادة , وذهبت إحصائيات مصالح مندوب التخطيط إلى أن نسبة نمو القطاع الصناعي الخاص تتراوح ما بين 7 و 8% في سنة 1999 .
* تشير النتائج إلى ركود القطاع العمومي و الذي يظهر انه وصل إلى حدوده القصوى فيما يتعلق بإمكانيات توسع إمكانياته الصناعية وذلك على الرغم من الكثير من عمليات التطهير و الدعم وإعادة الهيكلة من طرف الدولة الجزائرية وما تزامن معه من ضخ إمكانيات مالية ضخمة , واضطر صناع القرار في النهاية إلى تبني سياسات جديدة منها الخصخصة وتجزئة هذه المؤسسات .
1- مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق القيمة المضافة :
لقد عرفت القيمة المضافة التي يحققها القطاع الخاص ارتفاعا مستمرا حيث انتقلت من 18 مليار دينار سنة 1974 إلى أكثر من 2000 مليار سنة 2003, أما بالنسبة لمعدل مساهمة القطاع الخاص في خلق القيمة المضافة فانه ظل يتغير من سنة إلى أخرى .
الجدول رقم (3-21) : تطور القيمة المضافة في القطاع الخاص (1988- 2003)
السنوات
المبلغ
( مليون دينار ) النسبة %
1988 115.159 44
1989 148.537 46
1990 184.361 43
1991 283.171 42
1992 364.485 43
1993 438.577 48
1994 538.189 46
1995 711.672 45
1996 935.764 46
1997 1.010.274 46
1998 1.178.485 54
1999 1.335.170 51
2000 1.436.504 42
2001 1.636.136 47
2002 314.819 35
2003 2.029.559 47
المصدر : الديوان الوطني للإحصائيات (ONS).
نلاحظ أن القطاع الخاص الممثل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يساهم بنسبة تتراوح بين 45% و 47%, وقد وصلت هذه النسبة إلى 54% سنة 1998 , ومن خلال معطيات الديوان الوطني للإحصائيات لسنة 2003 نلاحظ أن القطاع الخاص يسيطر بشكل كامل على بعض النشاطات مثل الفلاحة والصيد البحري , الخدمات المقدمة للعائلات, فقد بلغت مساهمة القطاع الخاص63640,5 مليون دينار مقابل 1430,7 مليون دينار للقطاع العام , وكذلك قطاع البناء و الأشغال العمومية حيث بلغت مساهمة القطاع العام في خلق القيمة المضافة فيه 116918,2 مليون دينار , بينما بلغت مساهمة القطاع الخاص 284096 مليون دينار , أما في قطاع النقل و المواصلات فقد بلغت مساهمة القطاع الخاص 305234,6 مليون دينار مقابل 107202,6 مليون دينار للقطاع العام .
بينما لازال القطاع الصناعي يسيطر عليه القطاع العام حيث لم تتعد مساهمة القطاع الخاص 1452,5 مليون دينار مقابل 43826,2 مليون دينار للقطاع العام .
وفي سنة 2000 حققت المؤسسات المصغرة ربح خام يقدر بـ 691 مليار دينار أي بنسبة 20% من الناتج المحلي الخام , وهذا يدل على أهمية المؤسسات المصغرة في الاقتصاد الجزائري .
الجدول رقم (3-22) : تطور الناتج المحلي الخام (PIB) حسب القطاع القانوني خارج المحروقات
الوحدة : مليار دينار
السنوات 1999 2000 2001 2002 2003
القطاع القيمة % القيمة % القيمة % القيمة % القيمة %
القطاع العام 420 24.6 457.8 25.2 481.5 23.6 505 23.1 550.6 22.9
القطاع الخاص 1288 75.4 1356.8 74.8 1560.2 76.4 1679.1 76.9 1884.2 77.4
المجموع
1708 100 1814.6 100 2041.7 100 2184.1 100 2434.8 100
المصدر : الديوان الوطني للإحصائيات .
من خلال الجدول السابق نلاحظ أن القطاع الخاص الممثل أساسا بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يمثل نسبة كبيرة وصلت إلى 77.4% من الناتج المحلي الخام خارج المحروقات, الأمر الذي يكشف لنا مدى الأهمية التي اكتسبها القطاع الخاص في تحقيق النمو الاقتصادي وذلك في ظل تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و الدور الحيوي الذي تلعبه .
وقد أثبتت الدراسات أن رغم العراقيل التي تواجه الصناعات الصغيرة و المتوسطة إلا أنها في تطور مستمر .
الجدول رقم (3-23) : تطور النشاط في الصناعات الصغيرة والمتوسطة (عينة تتشكل من 1026 صناعة صغيرة ومتوسطة )
المؤشرات الأساسية النتائج
2000 الفارق
00/99 الفارق
99/98 الفارق
98/97 الفارق
00/97
رقم الأعمال(109دج) 85.5 +20% +33% +27% +27%
القيمة المضافة (109 د.ج) 19.5 +25% +45% +50% +40%
التشغيل (103 أجير ) 45.2 +10% +21% +15% +15%
نفقات الاستثمار (109 د.ج) 16.3 +1% +28% +30% +20%
المصدر :المجلس الاقتصادي والاجتماعي – مشروع تقرير : من اجل سياسة لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر – مرجع سابق. ص 34.
إن توسيع تدخل الاستثمارات الخاصة يعد أمرا ضروريا من اجل تحقيق التنمية الاقتصادية , وذلك عن طريق توفير الدعم اللازم وتوفير التمويل , وذلك في ظل التغيرات التي يشهدها العالم خاصة ظاهرة العولمة , والتي تفتح الباب أمام المنافسة الأجنبية .
2- مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تعبئة الموارد و الاستهلاك :
إن تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار عامة , وفي المؤسسات الصغيرة و المتوسطة يؤدي إلى اتساع الوعاء الضريبي و منه تحقيق مداخيل إضافية لخزينة الدولة , توجه إلى تحسين الهياكل القاعدية و تدعيم الاستثمار الداخلي , ونلاحظ انه خلال السنوات الأخيرة أصبح مساهمة القطاع الخاص في رفع مداخيل الخزينة من خلال الضرائب المباشرة أو غير المباشرة في ارتفاع .
وان تطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة له اثر على الاستهلاك وتحسين المستوى المعيشي للأفراد وذلك من خلال توفير المداخيل للأفراد , وهذه المداخيل ستترجم إلى طلب إضافي في السوق و منه تحقيق الانتعاش الاقتصادي , أما الجزء الذي لا يستهلك من الدخل يوجه إلى الادخار ومنه توفير مصادر إضافية لتمويل الاستثمار .
الجدول رقم (3-24) : نسبة الأجور من القيمة المضافة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سنة 2000
السنوات 2000
مؤسسات خاصة تضم اقل من 10عمال 35.24
مؤسسات خاصة تضم أكثر من 10عمال 39.32
المصدر : Ahmed Bouyacoub(directeur de recherche -cread) - LES PME EN ALGÉRIE : QUELLES RÉALITÉS ?- op-cit.
من خلال الجدول نلاحظ أن حصة الأجور من القيمة المضافة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل نسبة هامة من القيمة المضافة وبالتالي فهي تساهم بصورة فعالة في تنشيط الطلب الوطني وكذا تساهم في توزيع الدخل. وقد بلغ حجم الأجور في المؤسسات المصغرة سنة 2000 مبلغ 883 مليار دينار.
المطلب الثالث: تنمية وتطوير دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر
بالنظر لدور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصـادية والاجتماعية بالجزائر ، نجد أن هذا القطاع ما زال لا يحقق المساهمة المتوقعة منه كقطاع اقتصادي فعال وعنصر محفز لدفع عجلة التنمية ، حيث تعترض هذه المنشآت بعض العقبات والصعوبات .
وفي الآونة الأخيرة قامت السلطات الجزائرية باتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف ترقية دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني , غير ان المشكل المطروح هو إيجاد الميكانيزمات المناسبة للتطبيق , فهناك فرق شاسع بين الجانب النظري و الجانب التطبيقي , ولذلك يجب التركيز أكثر على تطبيق النصوص القانونية والأهداف المسطرة ضمن مختلف التشريعات و الهيئات التنظيمية .
ففي السبعينات كان الاعتقاد السائد هو أن تشييد المصانع الكبرى سيمكننا من تحقيق التنمية الاقتصادية , أما حاليا فالاعتقاد السائد هو أن تطوير التجهيزات الجماعية
(les équipements collectifs ) تحقق التنمية ففي برنامج الإنعاش الاقتصادي الأول تم التركيز على التجهيزات الجماعية بشكل رئيسي , غير أن الواقع وتجارب الدول الأخرى تؤكد أن التنمية الاقتصادية لا تتأتى إلا بتطوير النسيج الاقتصادي .
ولذلك يجب التركيز على تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة , ويجب انتهاز فرصة توفر المبالغ المالية , لذلك يجب تخصيص من 30 إلى 40% من مخصصات برنامج الإنعاش الاقتصادي المقبل لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويجب تخصيص 30% من اجل تطوير الإدارة وكذا تفعيل دور هياكل دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخاصة مكاتب المتخصصة في تقديم الاستشارة و دراسات الجدوى, بالإضافة إلى عصرنة محيط المؤسسات الاقتصادية .
ويجب أن تلعب الجماعات المحلية دورا هاما في ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة, بحيث يتعين عليها بالتنسيق مع الهيئات المركزية على جلب و رصد التمويلات الممنوحة لمختلف القطاعات الاستثمارية في إطار التعاون بين الولايات من اجل توسيع و ترقية نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
ونظرا للمنافسة الشديدة للمنتجات الأجنبية التي تتميز بالجودة العالية , فعلى المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الجزائرية الاعتماد على التجديد والابتكار و إدخال التكنولوجيا الحديثة في العملية الإنتاجية و التحكم في السعر والجودة .
وحتى يتسنى للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تلعب دورا حيويا في الاقتصاد الوطني يجب إعداد استراتيجية واضحة مبنية على أساس من الواقعية , من اجل تمكينها من ممارسة نشاطها في أحسن الظروف . وفي هذا المجال فقد أعدت منظمة الأمم المتحدة للإنماء(UNDP) خطة برنامج لتنمية وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة :
1- يجب على الحكومة تسهيل عمليات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وليس تشديد الرقابة عليها بحجة التنظيم .
2- يجب أن تشارك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في صياغة السياسات والقوانين التي تخصها .
3- تحتاج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الريفية إلى البنى التحتية الملائمة و إلى سياسات حكومية خاصة بها .
4- يجب أن تكون خدمات الدعم المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مشجعة على تحرير الأسواق .
5- يجب أن تكون برامج التدريب الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عملية.
6- خدمات الاستشارة والدعم المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتم توفيرها من طرف القطاع الخاص المحلي .
7- يجب أن تكون الخدمات المقدمة مقابل مبالغ مالية و لكن الإعانات المالية ضرورية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
8- الإعانات المالية الموجهة للطلب على الخدمات تعتبر أكثر فعالية من تلك الموجهة للعرض .
9- مادامت الخدمات الحكومية ضرورية يجب أن يكون لها طابع مستقل .
10- نشر وتوفير المعلومات يساهم في تطوير الأسواق .
11- يجب إعادة النظر في المهارات الفنية الضرورية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى تتلائم مع الاستعمال الموسع للكمبيوتر والعولمة الاقتصادية .
12- إن تطوير نظام مالي وطني قوي وفعال متطلب أساسي لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
13- يجب بذل مجهودات أكثر في مراحل التحضير الأولي لبرامج دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
14- يجب إقحام القطاع الخاص في تصميم وتنفيذ السياسات الخاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
15- يجب اعتماد التخطيط الاستراتيجي في اختيار ما يجب دعمه خصوصا بالنظر إلى شح الدعم المالي .[/rtl]
[rtl]
_________________
من تواضع لله رفعه[/rtl]